سورة الذاريات - تفسير تفسير القرطبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الذاريات)


        


{وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41) ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (42)}
قوله تعالى: {وَفِي عادٍ} أي وتركنا في عاد آية لمن تأمل. {إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} وهي التي لا تلقح سحابا ولا شجرا، ولا رحمة فيها ولا بركة ولا منفعة، ومنه امرأة عقيم لا تحمل ولا تلد. ثم قيل: هي الجنوب. روى ابن أبي ذئب عن الحرث بن عبد الرحمن عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: الرِّيحَ الْعَقِيمَ الجنوب وقال مقاتل: هي الدبور كما في الصحيح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور».
وقال ابن عباس: هي النكباء.
وقال عبيد بن عمير: مسكنها الأرض الرابعة وما فتح على عاد منها إلا كقدر منخر الثور.
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد أيضا أنها الصبا، فالله أعلم. قوله تعالى: {ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} أي كالشيء الهشيم، يقال للنبت إذا يبس وتفتت: رميم وهشيم. قال ابن عباس: كالشيء الهالك البالي، وقاله مجاهد. ومنه قول الشاعر:
تركتني حين كف الدهر من بصري *** وإذ بقيت كعظم الرمة البالي
وقال قتادة: إنه الذي ديس من يابس النبات.
وقال أبو العالية والسدي: كالتراب المدقوق. قطرب: الرميم الرماد.
وقال يمان: ما رمته الماشية من الكلا بمرمتها. ويقال للشفة المرمة والمقمة بالكسر، والمرمة بالفتح لغة فيه. واصل الكلمة من رم العظم إذا بلي، تقول منه: رم العظم يرم بالكسر رمة فهو رميم، قال الشاعر:
ورأى عواقب خلف ذاك مذمة *** تبقى عليه والعظام رميم
والرمة بالكسر العظام البالية والجمع رمم ورمام. ونظير هذه الآية: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} حسب ما تقدم.


{وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (43) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (44) فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ (45)}
قوله تعالى: {وَفِي ثَمُودَ} أي وفيهم أيضا عبرة وآية حين قيل لهم عيشوا متمتعين بالدنيا {حَتَّى حِينٍ} أي إلى وقت الهلاك وهو ثلاثة أيام كما في هود: {تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ}.
وقيل: معنى {تَمَتَّعُوا} أي أسلموا وتمتعوا إلى وقت فراغ آجالكم. {فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ} أي خالفوا أمر الله فعقروا الناقة {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ} أي الموت.
وقيل: هي كل عذاب مهلك. قال الحسين بن واقد: كل صاعقة في القرآن فهو العذاب. وقرأ عمر بن الخطاب وحميد وابن محيصن ومجاهد والكسائي {الصعقة} يقال صعق الرجل صعقة وتصعاقا أي غشي عليه. وصعقتهم السماء أي ألقت عليهم الصاعقة. والصاعقة أيضا صيحة العذاب وقد مضى في البقرة وغيرها. {وَهُمْ يَنْظُرُونَ} إليها نهارا. {فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ} قيل: معناه من نهوض.
وقيل: ما أطاقوا أن يستقلوا بعذاب الله وأن يتحملوه ويقوموا به ويدفعوه عن أنفسهم، تقول: لا أقوم لهذا الامر أي لا أطيقه.
وقال ابن عباس: أي ذهبت أجسامهم وبقيت أرواحهم في العذاب. {وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ} أي ممتنعين من العذاب حين أهلكوا، أي ما كان لهم ناصر.


{وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (46)}
قوله تعالى: {وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ} قرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو {وقوم نوح} بالخفض، أي وفي قوم نوح آية أيضا. الباقون بالنصب على معنى وأهلكنا قوم نوح، أو يكون معطوفا على الهاء والميم في {فَأَخَذَتْهُمُ} أو الهاء فيَ {أَخَذْناهُ} أي فأخذتهم الصاعقة وأخذت قوم نوح، أوَ {نَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ} ونبذنا قوم نوح، أو يكون بمعنى اذكر.

1 | 2 | 3 | 4 | 5